الجماعات الاصلية والقبائل من الاستققلال الذاتي الى الوصاية في افق تجريدها من كل الحقوق الجماعية في الاراضي والغابات والموارد

جريدة العاصمة بوست  تنشراستجواب  حسن اد بلقاسم
عن اسئلة يوسف بلخضر في عددها ليوم 27/11/2013

الجواب على السؤال الاول:
1ـــ المقصود بالاراضي الجماعية هي الاراضي التي هي مملوكة لجماعة من الجماعات المالكة للاراضي على اساس نظام الملكية الجماعية . وهي في القانون تسمى جماعة او جماعة اصلية اوجماعة سلالية او اثنية ، وقد تكون جماعة صغيرة او قبيلة تتكون من عدة جماعات.وهي بصفة عامة  
غير ان ما يميزالجماعة الاصلية اوالقبيلة هي انها كيان قائم بذاته او لنقل انها كانت وحدة سياية واقتصادية واجتماعية وثقافية قديمة جدا في المغرب ..وهي  هو انها جماعة كانت تتمتع بتنطيم ذاتي تعتمد على ان الجماعة او القبيلة لها نظام قانوني شامل لكل مجالات الحياة تقوم وتنظم حياتها  على ارض جماعية او اراضي جماعية تشمل الغابات والوديان والانهار وتمتلك السلطة الكاملة على تلك الاراضي. والى حدود 1912 كانت اغلب القبائل المغربية معروفة باراضيها ومواردها وحدودها كما انها كانت تتمتع بانظمتها القانونية الامازيغية والتي يرجع تاريخاها الى ما قبل لغزو والاستعمار .والقبائل او الجماعات كيانات قائمة بذاتها وكانت  تنتخب من اجل تسيرها . انفلاس (امناء) او "امزوارن" او "امغارن" لفترة محددة يسهرون على حمايتها كملك جماعي ويسهرون على توزيع واقتسام المنفعة بين الأسر المختلفة التي تتشكل منها الجماعة المالكة او القبيلة وفي هذا الاطار فإن كل جماعة اوقبيلة معروفة يحدودها مع الجماعات او القبائل المجاورة ، كما ان الموارد الطبيعية التي توجد داخل حدودها هى ملك جماعى لها.
الجواب على السؤال التاني :
2ـــ نظام الملكية الجماعية للاراضي اوالموارد وبالمعنى المذكور قبله هو نظام امازيغي قديم يرجع الى ماقبل وجود الفنيقين بقرطاج وقبل قيام الامبراطورية الرومانية وسيطرتها على بعض سواحل شمال افريقيا ،وكان قائما قبل الفتوحات وقبل الاستعمار الاوروبي وقبل قيام الدولة الوطنية . ومن الاهمية بمكان ان تعرف ان الجماعة او القبيلة هي كيان قائم بذاته، قبل الغزو والفتوحات والاستعمار ولعبت القبائل دائما دورا هاما فى الحفاط على استقلال المغرب لكون مصلحتها للدفاع عن حدودها الخاصة وعلى اراضيها ومواردها الجماعية واستقلالها في تسيير شؤونها الخاصة تؤدي بها الى اتحادها في اطار فدرالي او كونفدرالي لانجاز التغير الضروري ولمواجهة الغزاة للحفاط على استقلالها الذاتي من جهة واستقلال الوطن بكامله من جهة اخرى . وهذه الجماعات اوالقبائل كانت وراء تاسيس جديد للدولة كلما انهارت تحت ضربات الغزو او الفساد والاستبداد.
اما بخصوص السياسة الاستعمارية لفرنسا فإنها قد استهدفت من جهة السيطرة على الاراضي الخصبة بإحداث قانون التحفيط العقاري، واستهدفت السيطرة على الاراضي والغابات والموارد الطبيعية والمعدنية الموجودة بها بإحداث قوانين تجعل من الاراضي الواسعة والغابات والموارد الموجودة بها ملكا للدولة المستعمرة .وكان هدفها ان تضرب الاستقلال الذاتي الذي كانت تتمتع به القبائل في حدودها المعروفة في الاراضي والغابات الخاصة او المشتركة التي هى ملك جماعي لها.
وكان الهدف من إصدارها لقانون 1919 الخاص بالوصاية على الاراضي الجماعية هو الهيمنة على الجماعات الاصلية او السلالية وعلى القبائل وكونفدرالية القبائل التي قاومتها بقوة حتى سنة 1934 وبتلك القوانين عملت على حرمانها من استقلالها الذاتي وبالتالي من المبادرة .
وطبعا فإن القوانين المذكورة قد فتحت المجال للدولة المستعمرة ان تتصرف مباشرة او بواسطة اشخاص تعينهم وادى ذلك الى نتائج خطيرة من بينها تدمير مؤسسات الجماعة او القبيلة وفقدان الاستقلال الذاتي الذى كان يسمح لها بتسير شؤنها ، وبالتالي فقدان الكثير من هذه الجماعات اراضيها وغاباتها ومواردها ،بجانب تدمير كل اليات التضامن الداخلي التي كانت تسمح لها بالمبادرة من أجل تغير الاوضاع . وقد كان ابناء هذه الجماعات من اوائل المناضلين الذي حملوا السلاح ضد المستعمر بعد ان كانت القبائل اخر من انهزم امام الاستعمار الفرنسي فقد كان اول حامل للسلاح في الدار البيضاء المقاوم ازلماض الصنهاجي وهو من ابناء قبائل الجنوب التي لم نضع السلاح الا في سنة 1934 ليكون هو اول من حمل السلاح سنة 1939(انظر كتاب المقاوم الصنهاجي) .
الجــــواب على السؤال الثالت :
3 ـــ برزت قضايا الاراضي الجماعية في السنين الاخيرةلعدة اسباب منها :
 ان الجماعات والقبائل التي كانت تتمتع بالاستقلال الذاتي في تسير شؤونها كاملة على اساس الملكية الجماعية للاراضي والغابات والموارد الى ماقبل الاستعمار الفرنسي سنة 1912 وقاومت الى اخر نفس حتى سنة 1934 ، ثم انتقل ابناؤها الى حمل السلاح في المدن والقرى ابتداء من 1939 مع المقاوم ازلماضي الصنهاجي ، وانخراط كل ابنائها في الصراع ضد الاستعمار من اجل الاستقلال انتشوا لفترة طويلة بفرحة الاستقلال في انتطار ان تقوم الدولة الوطنية بارجاع الامور الى نصابها والحقوق الجماعية الى اهلها ، فوجئو بالدولة تخرج القوانين الاستعمارية في جميع المجالات كوثائق تعلن بمقتضاها انها الوريثة الوحيدة للدولة المستعمرة. ولأن الدولة الوطنية سيطرت عليها اقلية من الناس جعلوا من انفسهم ممثلين للشعب عن طريق احتكار السلطة واحتكار الاراضي والموارد والثروات واحتكار القيم ، فإن الجماعات والقبائل وارضيها ومواردها الطبيعية اصبحت "وزيعة" بين ابناء الأقلية المسيطرة في المركز ضدا على جميع الجهات وجميع الجماعات والقبائل ، واصبح ابناء تلك الجماعات التي كانت تملك الاراضي والغابات والموارد بناء على القوانين الامازيغية المعتمدة على نظام الملكية الجماعية للاراضي والموارد محرومين من حق الملكية الفردية لانهم يملكون في جماعة اوقبيلة سلبه الاستعمار اراضيها ومواردها  لكونها مرتبطة بنظام الملكية الجماعية وتحول الكثير منهم وهم طفلات واطفال الى مجرد عبيد وخدم بدون حقوق اوالى مشردين في هوامش المدن.
اضافت العولمة والخوصصة حيوية على الصراع بين الاقلية المحتكرة للسلطة والمحتكرة للاراضي والموارد والتروات والمحتكرة للقيم مما ادى الى عودة الوعي بأهمية الملكية الجماعية ، خصوصا وان السياسات الجديدة تعتمد على قوانين الاستعمار نفسه وعلى قوانين جديدة تهتم فقط بتعميق احتكار السلطة واحتكار التروات والموارد واحتكار القيم . وهذا ماسيجعل الصراع على الاراضي والموارد والثروات اكثر الجبهات حرارة بين "الاقلية المحتكرة" واغلبية الشعب التي يشكلها ابناء واحفاد ابطال كل القبائل والجماعات المقاومة مابين 1912 و1934 ثم ابناء واحفاد جيش التحرير الذين دخلوا في معركة واسعة ضد الاستعمار من اجل الاستقلال طيلة الفترة مابين 1939 و1956 .وهي المعركة التي استمرت بأشكال مختلفة طيلة عمر الدولة الوطنية سواء خلال فترة الاستبداد المطلق اوخلال الفترة المسماة "بالانتقال نحو الديموقرطية" التي بدات بحكومة اليوسفي الى الان دون ان يحصل هذا الانتقال المامول نحو الديموقراطية .
اكثر من ذالك فان الشعب المغربي الذي عاش الاف السنين في اراضيه محاطا بشجر اركان من شمال الصويرة – دمنات الى جبال لاطلس الصغير وقاوم الاستعمار الى اخر نفس ممكن ووجه من طرف الاستعمار اولا بالرصاص والقنابل والطائرات ثم بقانون 1916 الخاص بالتحديد، املا في ان تعود اليه حقوقه بعد الاستقلال يجد نفسه مع حكومات الاستقلال وبالخصوص مع حكومة التناوب الاولى وحكومة التناوب بعد دستر 2011 محروما من كل اراضيه التي كانت دائما بين اشجار اركان بدوعوى ان شجرة اركان هي الغابة وارضه جزء من الغابة رغم ان القوانين المنظمة لملكية الاراضي هي القوانين الامازيغية منذ الاف السنين وهي قوانين مكتوبة وشعب اركان مرتبط مصيريا بالارض التي يغطيها شجر اركان.ان القوانين الامازيغية لاتزال موجودة.بل ان القوانين الاستعمارية التي استهدفت الغاءها اكدتها بشكل ما.
واخطر ما في الامر ان الحكومة القائمة حاليا بعد دستور 2011 تمارس نوعا من التحايل بواسطة المندوب السامي للمياه والغابات الذي يعتبر ان" التحديد المنجز على الاراضي في مناطق اركان حيث يعيش شعب بكامله تم انجزه في فترة الاستعماروهو يستغل ذالك ليعفي حكومته من احترام اجراءات التحفيظ وينجز اتفاقا مع المحافظة العقارية منافية للقانون لينجز التحفيظ  مباشرة وسرا دون الالتزام بمسطرة التحفيظ التي تستلزم اجراءات تعتبر اساسية لضمان حقوق المواطنين في مناطق اركان "حيث يعيش شعب بكامله على الكفاف والعفاف والغنى عن الدولة والحكومة".
  الجــواب على السؤال الرابع :
تعلن السلطات في حين لأخر عن اجراءت بشأن الاراضي الجماعية . لكن هذه الاجراءت لاتستهدف حل المشكل الرئيسي الذي يتعلق بسلب "الحقوق الجماعية في الاراضي والغابات والموارد" فكل السياسيات والقوانين التي يتم اعتمادها واعلانها في طل العولمة والخوصصة انما تفتح المجال ليس لإصلاح الاخطاء التي وقعت بخصوص حرمان كل الافراد من حق الملكية التي تعتمد بها في اطار "نظام الملكية الجماعية" بل انها تستهدف فقط تسهيل الاستحواد على  ونهب "الاراضي الجماعية والغابات والموارد" على اساس انها ملك للدولة والحال ان الدولة لم تتملكها بطريقة مشروعة وانما امتلكها بقوانيين الاستعمار او بادعاتها بانها وريثة الاستعمار . وهي بذلك تصبح "استعمار داخليا" كما يسميها ذلك المناضلون في امريكا الجنوبية .
الــجـــواب على السؤال الخامس :
تدمير الاراضي الجماعية والغابات والموارد موكول طبقا للقوانين الامازيغية للقبائل الى "اينفلاس" او"امزوارن" او"امغارن" ينتخبون بمشاركة جميع الاسر المعنية في الجماعة للقيام بالمهام لمدة محددة.ويحاسبون من طرف الجماعة مباشرة . هذا هو حال تدبير الاراضي الجماعية قبل دخول الاستعمار .لكن بعد ذلك فإن الامر ساء بسبب حرمان الجماعات والقبائل من استقلالها الذاتي  بسبب القهر الاستعماري ثم بمقتضى القوانين ومن بينها طهير 1919 الذي جعل وزارة الداخلية وصية على الجماعات والقبائل. وساء اكثر من ذلك بعد الاستقلال ومع حكومة التناوب وحكومة مابعد دستور 2011 حيت ان الاقلية في المركز تستعمل السلطة والقوانين لتعميق احتكارها للاراضي والموارد والخيرات الجماعية للقبائل والجماعات .
ومن الواضح تماما ان القوانين الامازيغية (القوانين العرفية) كانت توضع من طرف ممثلي الجماعات والقبائل بصفتهم هيئات تشريعية ويخضعون للمحاسبة امام الجماعة ،ومن هنا فإن أي اصلاح الان يجب ان ياخد بعين اعتبار ان ابناء هذه الجماعات والقبائل اصبحو قادرين على ان يطوروا اعملهم من خلال ملاءمة كل القوانين والاعراف مع الاعلانات والمواثيق الدولية لحقوق الانسان ، ومن الواضح ان الممثلين الديموقرطين الغير الفاسدين سيتمكنون من القيام بدورهم اذافتح لهم المجال.
الـــجــواب على السؤال السادس
لإصلاح ما تم افساده يجب اولا اعادة الاعتبار للنصوص القانونية القائمة والممثلة في القوانين الامازيغية (المسماة عرفية) والتي لاتزال حية طبقا للقانون الحالي وللاعلانات والمواثيق الدولية لحقوق الانسان . واعادة الاعتبارلهم من خلال  الاستجابة لبعض الامور الاساسية مثل:
ــــ الإعتراف بالحقوق الجماعية في الاراضي والغابات والموارد للجماعات والقبائل .
ــــ اعتماد المرجعية الدولية لحقوق الانسان انطلاقا من التأويل الديموقراطي للدستور .
ــــ اعادة الاراضي والغابات المملوكة جماعيا للجماعات والقبائل .
ــــ مساعدة  ابناء وبنات الجماعات المشردين او المرحلين على بناء هيئات تمتلهم طبقا للقوانين الامازيغة  القديمة فيما لايتناقض وحقوق الانسان الفردية والجماعية او الجديدة طبقا للمعايير الدولية لحقوق الانسان.
-استعمال جزء من لاموال الجماعية لتعزيز قدرات ابناء وبنات الجماعات والقبائل من اجل تكون موارد بشرية قادرة على قيادة التنمية بناء على استثمار حقوقهم الجماعية على الاراضي والموارد.
ــــ اعتماد مبدا الشراكة بين الجماعات او القبائل المالكة للاراضي والغابات والموارد الجماعية من جهة اوالمسثمر من جهة تانية والدولة كراعية عادلة للحقوق من جهة تالثة.

العمل الجماعي من اجل:
-المصادقة على الاتفاقية 169 لمنظمة العمل الدولية الخاصة بحقوق الشعوب الاصلية والقبلية المعتمدة من طر المؤتمر العام للعمل سنة 1989 بجنيف بحضور الحكومة المغربية وبدون أي اعتراض من طرفها .وهي اتفاقية تهم بالدرجة الاولى البلدان المستقلة خصوصا في افريقيا وامريكا واسيا. وهي نافذة بعد المصادقة عليها من العدد الكافي من الدول.
-تنفيذ مقتضيات الاعلان العالمي لحقوق الشعوب الاصلية والقبلية المعتمد سنة 2007 في الجمعية العامة للامم المتحدة والذي شاركت في اعدده الحكومة المغربية كما شاركت في الحركة الثقافية الامازيغية وتم اعتماده بدون أي اعتراض من طرف الحكومة المغربية.
-ولان المرحلة دقيقة خصوصا وان الكثير من الغابات والاراضي يسيطر عليها امراء الخليج تحت عنوان المحميات فان الحركة الثقافية الامازيغية  والحركة التنموية مدعوة للعمل بجانب الحركة الحقوقية الوطنية والدولية للعمل من اجل الضغط علحماية الحقوق الجماعية في الاراضي والموارد والغابات بجانب الحقوق البيئية والموارد الجينية على اساس معارف الشعوب الاصلية والقبلية و طبقا للمادة 8 من اتفاقية التنوع البيولجي لحماية الانسان والطبيعة من المخاطر التي تهدد الحياة على الارض بمواجهة التغييرات المناخية.                                   حسن ادبلقاسم
ملاحظة:
ينص الفصل الاول من ظهير 10/02/1963  المعدل لظهير 27/04/1919على مايلي:
" ان الجماعات الاصلية التي لها املاك او مصالح مشتركة بينها يحق لها ان تهتم بتدبير هذه الاملاك وان تتقدم لدى المحاكم بجميع الدعاوى اللازمة للمحافظة على مصالحهااو تناضل من اجل حقوقها فيما ذكر وان تقبض جميع المبالغ التي ربما تكون بذمة الغير،و تعطي عنها ابراء تاما وصحيحيا هذا مع قيام الدولة بولايتها على اعمال الجماعات المذكورة" وهذا بعد ان نص الفصل الاول على انه" لايمكن للقبائل وفصائل القبائل وغيرهم من العشائر الاصلية ان يتصرفوا على الاراضي المعدة لحرث او رعي المواشي المشتركة...الا تحت تصرف الدولة".واضاف الفصل الثاني:
" ويمكنها نقل سلطاتها الى اشخاص تختارهم ضمن الكيفيات الصحيحة المعتادة ويكون جميع الاشخاص الذين يقع اختيارهم على هذا الشكل جمعية المندوبين او جماعة النواب .وتعين هذه الجمعية ضمن نفس الشروط عضوا او عضوين منها لتمثيل العشيرة لدى المحكم في العقود القضائية الاخرى التي تهم حياة الجماعة".
" ولايطلق على هذه الجماعات الاصلية الا اسم "جماعات" في جميع الاحوال المقررة في هذا الظهير اوبمناسبة تطبيقه"


Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

جوهر الهوية والأبعاد الثلاثة للهوية الثقافية المغربية

القانون الاساسي لمنظمة تاماينوت 2015-2018

حق المشاركة في مسلسل صنع القرار في المغرب بين المركزية والجهوية السياسية